تفسير سورة " آل عمران " للناشئين .. ( الآيات 142: 157 )

تفسير سورة " آل عمران " للناشئين

(الآيات 142: 157)

معاني مفردات الآيات الكريمة من (141) إلى (148) من سورة «آل عمران»:

﴿ليمحص﴾: ليصفي ويطهر من الذنوب. ﴿يمحق﴾: يهلك ويستأصل. ﴿خلت﴾: مضت. ﴿انقلبتم على أعقابكم﴾: انهزمتم، أو ارتددتم. ﴿مؤجلا﴾: مؤقتا، له أجل معلوم لا يتقدم ولا يتأخر. ﴿ وكأين من نبي﴾: وكم من نبي وكثير من الأنبياء. ﴿ربيون﴾: علماء فقهاء، أو جموع كثيرة. ﴿فما وهنوا﴾: فما عجزوا أو فما جبنوا. ﴿وما استكانوا﴾: وما خضعوا، أو ما ذلُّوا لعدوهم. ﴿وإسرافنا في أمرنا﴾: تجاوزنا حد العبودية. ﴿ثواب﴾ الدنيا: النصر والظفر، والغنيمة والذكر الحسن. ﴿وحسن ثواب الآخرة﴾: المغفرة والجنة (أي جمع لهم النعيمين).

1- وضحت الآيات أنه بالصبر وبالجهاد ينال المؤمنون كرامة ربهم، وتذكرهم بما كانوا يتمنونه من لقاء الأعداء؛ لينالوا الشهادة في سبيل الله.

2- ولما أشاع الكافرون أن محمدًا قد قُتل في هذه الغزوة، وقال المنافقون: إن كان قد قتل فتعالوا نرجع إلى ديننا الأول، فبين الله - سبحانه وتعالى - أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - شأنه شأن جميع الرسل السابقين، لا يجوز إن مات أو قتل أن يرتدوا بعده كفارًا، ومن يفعل ذلك فلن يضر إلا نفسه، والله قد حدد لكل نفس أجلاً، وفي ذلك تحريض على الجهاد، وترغيب في لقاء العدو.

3- ثم ذكرتهم بأن كثيرًا من الأنبياء قاتلوا لإعلاء كلمة الله، وقاتل معهم علماء وعباد صالحون، وجموع كثيرة، فقتل منهم من قتل، فما جبنوا ولا ضعفت عزائمهم، ولا خضعوا لعدوهم، وما كان قولهم - مع ثباتهم وقوتهم في الدين - إلا طلب المغفرة من الله، والنصر على الكفار.

دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (141) إلى (148) من سورة «آل عمران»:

1- حب الصحابة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبًّا يزيد على حبهم لأنفسهم وأهليهم وأولادهم والناس جميعًا، وفداؤهم له ودفاعهم دونه دفاعًا مستميتًا مظهر من مظاهر هذا الحب العظيم.

2- تحقيق الإيمان وكماله لا يتم بالعمل الصالح، وعلى قمته الجهاد في سبيل الله والصبر على مشقاته، وعلى طاعة الله - سبحانه وتعالى - والكف عن معصيته.

معاني مفردات الآيات الكريمة من (149) إلى (153) من سورة «آل عمران»:

﴿يردوكم على أعقابكم﴾: يردوكم إلى ما كنتم عليه من أحوال الجاهلية. ﴿الله مولاكم﴾: الله ناصركم، لا غيره. ﴿الرعب﴾: الفزع والخوف. ﴿سلطانًا﴾: حجة وبرهانًا. ﴿مأواهم﴾: مسكنهم، ومرجعهم. ﴿مثوى للظالمين﴾: مأواهم ومقامهم الذي يقيمون فيه. ﴿تحسونهم﴾: تقتلونهم قتلاً ذريعًا. ﴿فشلتم﴾: فزعتم، وأصابكم الخوف من عدوكم وضعف رأيكم. ﴿ليبتليكم﴾: ليمتحن صبركم وثباتكم. ﴿تُصعدون﴾: تذهبون في الوادي هربًا. ﴿ولا تلوون على أحد﴾: ولا يقف أحدكم لصاحبه وينتظره. ﴿في إخراجكم﴾: في مؤخرة الجيش (وتسمى الساقة). ﴿فأثابكم﴾: فجازاكم الله بما عصيتم (والثواب هو الجزاء بخير أو شر). ﴿غمًّا بغم﴾: حزنًا متصلاً بحزن.

1- بدأت الآيات بنداء المؤمنين، وتحذيرهم من طاعة الكافرين فيما يلقونه إليهم من التضليلات؛ لأنهم يريدون بذلك إرجاع المؤمنين إلى ما كانوا عليه من أحوال الجاهلية فينقلبوا خاسرين، وتتوعد الكافرين بإلقاء الرعب في قلوبهم، بسبب شركهم بالله، وبأن مصيرهم في الآخرة إلى النار، أما المؤمنون فتعدهم بالنصر المبين.

2- ثم أخذت الآيات تحكي ما جرى في غزوة أحد، عندما عبأ النبي - صلى الله عليه وسلم - جيشه، فأمر جماعة من الرماة أن يحتلوا جبلاً؛ ليدفعوا الفرسان عن المسلمين، ويحموا ظهورهم، وقال لهم: لا تبرحوا مكانكم بحال من الأحوال، فلما التقى الجمعان كان النصر في أول الأمر مع المؤمنين، وظن بعض الرماة أن المعركة قد انتهت عندما رأوا هزيمة المشركين، وانتصار المسلمين، وأخذهم الأسلاب والغنائم، وثبت رئيسهم ومعه عشرة منهم، فلما رأى المشركون نزول كثير من الرماة إلى أرض المعركة، هجموا عليهم من الخلف فأهلكوهم، ثم نزلوا إلى الجيش من فوق الجبل فكسروا المسلمين.

3- ثم ذكر - سبحانه وتعالى - أنه جازاهم حزنًا متصلاً بحزن؛ ليتدربوا على الصبر في الشدائد، فلا يحزنوا بعد ذلك على منفعة فاتتهم ولا على ضرر أصابهم.

دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (149) إلى (153) من سورة «آل عمران»:

1- وعد الله المجاهدين في سبيله بالنصر العزيز أو الاستشهاد الذي يمنحهم الحياة الطيبة عند ربهم.

2- لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجوز الاستماع إلى الإشاعات التي يطلقها الأعداء لتثبيط الهمم، وتمزيق الصف وإضعاف قوة المؤمنين.

معاني مفردات الآيات الكريمة من (154) إلى (157) من سورة «آل عمران»:

﴿أمنة﴾: أمنًا، وعدم خوف. ﴿نعاسًا﴾: سكونًا، وهدوءًا، أو مقاربة للنوم. ﴿يغشى﴾: يأتي (ويلابس كأنه الغطاء). ﴿أهمتهم أنفسهم﴾: أوقعتهم في الهموم، أو لا يهمهم إلا أنفسهم لتخليصها. ﴿ما لا يبدون لك﴾: غير الذي يظهرون لك يا محمد. ﴿لبرز﴾: لخرج. ﴿مضاجعهم﴾: مصارعهم التي قدرها الله لهم منذ الأزل. ﴿ليبتلي﴾: ليختبر، وليمتحن، وهو العليم الخبير. ﴿بذات الصدور﴾: بما تخفيه الصدور. ﴿تولوا﴾: انهزموا وفروا. ﴿استزلهم الشيطان﴾: أوقعهم في الزلل أي السقوط بوسوسته. ﴿ضربوا في الأرض﴾: سافروا فيها للتجارة أو غيرها فماتوا. ﴿غزّى﴾: غزاة مجاهدين فاستشهدوا (والمفرد: غازٍ).

1- واصلت الآيات الحديث عمَّا تم في غزوة أحد، وما كان من فضل الله - سبحانه وتعالى - على المؤمنين، فقد جعل الهدوء أو المقاربة من النوم تغشى جماعة منهم؛ ليحقق لهم الأمن والطمأنينة.

2- وهناك جماعة لا هَمَّ لهم إلا أنفسهم، ويظنون بالله غير الحق فيندمون قائلين: لو كان لنا من الأمر شيء لسمعنا قول من دعانا إلى البقاء ولم نخرج للعدو، فلم نُقتل، ولكن أُكرهنا على الخروج، كان هذا قول المنافقين عندما توعدهم المشركون بالحرب والرجوع إلى القتال، فتهيأ المؤمنون للحرب، فأنزل الله عليهم الأمنة فناموا، أما المنافقون فقد أزعجهم الخوف، وطار النوم من أعينهم فزعًا وجبنًا.

3- ثم ذكرت عتاب الله لمن انهزموا من المؤمنين، واستماعهم وساوس الشيطان، ومخالفتهم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعفو الله عنهم، وحذر المؤمنين من أن يكونوا كالكافرين، موضحًا لهم جزاء من يموت أو يقتل في سبيل الله؛ ليؤثروا ما يقربهم إلى الله، ويوجب لهم رضاه من الجهاد في سبيله والعمل بطاعته.

دروس مستفادة من الآيات الكريمة من (154) إلى (157) من سورة «آل عمران»:

1- الله - سبحانه وتعالى - هو الذي يهب الحياة، وهو الذي يهب الموت فليس السعي في الأرض للتجارة أو غيرها، ولا الخروج في سبيل الله هو السبب في الموت.

2- الشدائد تُظهر معادن الرجال، وتُمحِّص القلوب، وتَسْتَخْرِج ما بالنفوس، فيظهر كل إنسان فيها على حقيقته.